رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الرشيدي
محمد الرشيدي

فاطمة بنت فهد بن سعيد.. أنموذجاً!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لن أتحدث عن الواقع المخفي من سنين طويلة واستغلال الدين في جماهيرية كبيرة ثمنها الملايين للمستغلين ذلك، ولكن في الردود الكبيرة على ظهور ابنة الفنان الراحل فهد بن سعيد لفت انتباهي أنه كان هناك تكرار لتسجيل لمجموعة من الدعاة المشهورين وخصوصاً أحدهم المشهور بالغنى الفاحش وهو يسأل بن سعيد بالتلفزيون السعودي عن عودته للغناء أو استمرار توبته، طبعاً في العرف الإعلامي هذا الاتصال الملغم خبطة إعلامية تُجير للداعية المليونير، ولم يستفد منها التائب فهد بن سعيد واستمر حارساً للمدرسة ومات وهو يحمل معاريض مُذلة لاستجداء المال حسب ما كشفت ذلك ابنته.
أنا هنا ليس موضوعي توبة بن سعيد عن الغناء أو خلافها، سأتحدث عن ذكاء إعلامي استمر لمدة تجاوزت الثلاثين عاماً لبعض المتاجرين بالدين، الذين يستغلون المشاهير والقصص الخرافية ليحققوا حظوة عند الوجهاء ويغتنموا الأموال ويصبحوا من علية القوم على حساب التلاعب بالقيم والمبادئ!.

فترة عشتها وغيري ولّدت لنا للأسف مجتمعاً متناقضاً، ولّدت لنا ونحن في زمن التكنولوجيا والتطور أشخاصاً يقدمون عروضاً وألعاباً في مهرجانات كبيرة يُصرف عليها الملايين، عنوانها "الرضع" والاستهبال وغيرها مما عانينا منه سنين طويلة، والأهم أن لا يكون بموسيقى، أما غير ذلك فمسموح متى ما جاء المنشد "يتميلح" ويستغل نهج الدعاة الأذكياء فيستغل ظهوره بدعاء وقنوت، ولا مانع أن يصدح بأغنياته والتي تسمى "شيلات"، وتهريجه بين النساء، لأن ذلك غير مخالف لتوجهاتهم.
كانت فاطمة شجاعة وهي تفتخر بوالدها، ويحق لها ذلك في مجتمع تغير وأصبح أكثر قرباً للمجتمعات الطبيعية، بعد أن كان مجرد ذكر أن والدها وغيره الكثيرين مطربا أو بمعنى أكثر وضوحاً وسخرية من أهل "الفن". كثيرون لم يمتلكوا شجاعة فاطمة، وعاشوا بالمجتمع شبه غرباء ظاهرياً، ومن الداخل تجد من حاربهم يتمنى التصوير أو حتى الاقتراب من آبائهم أو إخوانهم الذين اشتهروا فنياً.
ما الذي حدث بعد حفلة محمد عبده مؤخراً بالطائف؟، هل أفسدت أهل الطائف أم توقف المطر؟!، وما الضرر الذي كان عائقاً ويتاجر به تجار الصحوة ممن استفاد على ظهورنا خلال السنين الماضية، وأصبحت أرصدته بالملايين، ويتنقل مع أبنائه بالمصائف الباردة خارج المملكة.
نعم كانت فاطمة جريئة، وهي لم تتحدث إلا عن تجربة والدها ومرارة الأحداث التي عاشوها، ولكنها وبصورة مباشرة عكست واقعاً حقيقياً لمجتمع يعاني من الانفصام في تركيبته، خلط ما بين العيب بالتقاليد وما بين أحكام الدين، فأصبح حضور حفلة غنائية خارج المملكة مع العائلة جائزا وأما داخل المملكة فلا يجوز ويستشهدون بمداخلات من رسخ هذا الأمر في عقولهم من نجوم "الصحوة"، لقد تمت المتاجرة بتوبة فهد بن سعيد رحمة الله عليه، وهي بينه وبين ربه، ولكن ابنته فضحت من استغلها، وهنا ما أقصده وليس مجالي للتذكير عن توبة بن سعيد أو خلافه. نقلا عن الرياض

arrow up